هل سنسير جميعا تحت الراية الحمراء بعد انتصار الصين على الولايات المتحدة الأمريكية؟

أخبار الصحافة

هل سنسير جميعا تحت الراية الحمراء بعد انتصار الصين على الولايات المتحدة الأمريكية؟
الرئيس الصيني/ شي جين بينغ (صورة أرشيفية)
انسخ الرابطhttps://r.rtarabic.com/u1oz

"ما هي أسباب فشل الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي ونجاحها في الصين؟"

سؤال يطرحه قراء قناتي على تطبيق "تليغرام"، إلا أنني سوف أغير السؤال قليلا: ما هو النظام الذي سيكون لدينا جميعا بعد أن تصبح الصين حتما القوة المهيمنة على العالم؟

لا يمكننا الحديث عن نجاح أو فشل الاشتراكية في الصين أو الاتحاد السوفيتي، حيث أصبحت الاشتراكية في الصين، بعد دنغ شياو بينغ، افتراضية للغاية، بمعنى أنها كانت أقرب إلى الرأسمالية بقطاع عام كبير تسيطر عليه الحكومة بشكل مباشر، وقطاع خاص معتبر، يخضع أيضا بشكل أو بآخر لسيطرة الحكومة.

أو بالأحرى، ووفقا للخبير الروسي المعروف في الشأن الصيني نيقولاي فافيلوف، فالقطاع العام لا تسيطر عليه الحكومة بأكملها، وإنما مجموعة من خريجي "اتحاد منظمات شباب الشيوعيين"، التي كان يترأسها حتى وقت قريب الرئيس السابق هو جينتاو ورئيس الوزراء السابق لي كه تشيانغ.

في الوقت نفسه، نحن نرى أن ذلك ينعكس في الصراع على السلطة، حتى واجه جاك ما، على سبيل المثال، مشكلات وتم إبعاد عدد من الشركات الصينية الخاصة بالقوة من البورصات الغربية من قبل الحكومة منذ عدة سنوات. كما رأينا في المؤتمر الأخير للحزب الهزيمة الكاملة لهذه المجموعة، والتي ستؤدي بالتأكيد إلى بعض التغييرات في موقف أكبر الشركات الصينية، التي من الواضح أنها ستبقى، لكنها ستكون تحت سيطرة أكبر من قبل الدولة. على أي حال، فمن المستبعد أن يصبح النظام الصيني اشتراكيا بالكامل.

وأعود إلى انهيار الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي والنجاح في الصين.

في رأيي المتواضع، أظن أن الشيوعية هي نظرية طوباوية، شأنها في ذلك شأن الاشتراكية، استنادا إلى المصطلحات الأكاديمية وليس إلى المعنى الأوروبي لـ "دولة الرفاهية" Welfare State، أي استنادا إلى المعنى الكلاسيكي على أساس ملكية وسائل الإنتاج.

وقد شهد كل من الاتحاد السوفيتي والصين فترة من النجاح والنمو الاقتصادي السريع، الذي تزامن مع الشكل الاشتراكي للحكومة، إلا أن ذلك لم يكن مدفوعا بالاشتراكية، وإنما بإنفاق رأس المال الديموغرافي والاجتماعي. أي أن غالبية سكان الاتحاد السوفيتي، ثلاثينيات القرن الماضي، كانت من الريف، وكان عدد السكان الروس ينمو بسرعة. سلب ستالين الفلاحين ودفع بجزء من الفقراء إلى معسكرات العمل، وانتقل جزء كبير منهم إلى المدينة، ليشكلوا عمالة رخيصة في المصانع، ونتيجة لذلك تمكن ستالين من التصنيع، وانتصر في الحرب مع الألمان، وبنى قوة صناعية كبرى.

لكن منذ ستينيات القرن الماضي، تجاوز عدد سكان الحضر في الاتحاد السوفيتي 50%، وانخفض النمو السكاني، ثم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بدأ عدد السكان في الانخفاض. انتهى النمو الديموغرافي في روسيا، والذي بدأ في أواخر القرن التاسع عشر، بنهاية القرن العشرين. تم استهلاك إمكانات النمو الاقتصادي الواسع، والآن تُركت روسيا مع النمو من خلال الزيادة التدريجية في نوعية الحياة وإنتاجية العمل، وهو نمو لن يكون سريعا.

وقد رأينا نفس الشيء يحدث في الصين، فمن الثمانينيات من القرن الماضي، وحتى عام 2015 تقريبا، شهدنا نموا سريعا للاقتصاد الصيني بسبب سرقة الفلاحين الذين انتقلوا إلى المدينة، وحصلوا على أجور أقل بعشر مرات من نظرائهم الغربيين. في الوقت نفسه، تدهورت البيئة، ونما عدد سكان الصين، ونفذت قيادة التصنيع بأي ثمن.

في الوقت الحالي، يدخل النمو الصيني واسع النطاق أيضا مراحله النهائية، حيث ستصبح سرعة النمو أقل، وسيتوقف النمو السكاني، وسيبدأ في الانخفاض خلال السنوات المقبلة. نمت رفاهية الصينيين العاديين، حيث ستكون السنوات العشر إلى العشرين القادمة ذروة قوة الصين، وبعدها، تماما مثل ما حدث بالاتحاد السوفيتي، ستفقد قوتها تدريجيا، وبحلول الخمسينيات والستينيات من القرن الحالي ستنتقل قيادة العالم إلى الهند. وبحلول نهاية القرن، سوف تفسح الهند الطريق لدولة أخرى، لا نعرفها حتى الآن. ربما تكون إندونيسيا، ربما نيجيريا، أو ربما إمارة إسلامية ذات سكان من العرب والأفارقة يتم تشكيلها على أراضي فرنسا (وربما أوروبا الغربية بأكملها) بعد انهيار الغرب، واندلاع المجاعة العالمية وإعادة توطين بضع مئات الملايين من العرب والأفارقة في أوروبا كنتيجة جديدة لـ "الهجرة الكبرى للشعوب".

باختصار، فليس هناك ما هو جديد تحت القمر، وللتاريخ دوراته، بينما تولد الدول وتنهض ثم تأفل من جديد، ولا علاقة لذلك بالاشتراكية.

أعتقد أيضا أنه سيتعين علينا جميعا أن نعيش لبعض الوقت في "اشتراكية" افتراضية، أي في ظل نظام سياسي واقتصادي يتضمن مساواة كبيرة في مستويات المعيشة، وقطاع عام كبير مهيمن، وبعض القيود على الحقوق السياسية، حيث ستكون تلك الإرادة رد فعل دفاعي ووسيلة للحفاظ على استقرار المجتمعات في الأزمة العالمية الراهنة.

ولكن بعد ذلك، ومع تحسن الوضع الاقتصادي، سنعود جميعا إلى الرأسمالية، لتبدأ دورة التاريخ من جديد.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

تويتر RT Arabic للأخبار العاجلة
موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا